من كان يحب أن يعلم انه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن فمن أحب القرآن فهو يحب الله فإنما القرآن كلام الله
كيف نشأ الكون ؟ هل حدث ذلك صدفة ؟ هل هناك من خالق ؟
من منا لم تخطر بباله تساؤلات كهذه ؟ لقد شغلت مسألة منشأ الكون وأصل الحياة بال البشرية منذ القدم وقد صنفت الاجابات عنها وما زالت تصنف الناس الى مؤمنين بوجود خالق واخرين معتقدين بصدفة الوجود وتطور الحياة من محض تفاعلات كيميائية ،هل وجود مخلوقات يستوجب وجود خالق ؟ ما هو احتمال نشوء بيت متكامل مع اثاثه دون وجود يدٍ بانيه ؟ هيا بنا نفحص هذه التساؤلات.
كيف نشأ الكون ؟
تعتبر نظرية (الانفجار العظيم ) Big Bang النظرية الأكثر شيوعاً وقبولاً لتفسير نشأة الكون وذلك بسبب تمكُّن النظريه من تفسير المشاهدات الكونية وقدرتها على التنبؤ بحقائق تم اكتشافها لاحقاً.
بحسب النظرية كان كل الكون مختزلاً في نقطة واحدة ذات ابعاد هائلة الصغر ولكنها هائلة الضخامة من حيث الحرارة والكثافة، لم يكن هناك زمن ، مكان ، فراغ ، فضاء او اي شيء اخر ، كانت كل تلك الاشياء والمفاهيم داخل تلك النقطة. وفقاً للمعادلات الرياضية لنظرية النسبية العامة ( وهي احد ركائز نظرية الانفجار العظيم ) قبل 13،8 مليار عاماً تم حدوث انفجار ادّى الى توسع الكون وتضخمه ،انبثاق المادة والطاقة ،وبدء الزمان والمكان
تفترض النظرية انه بعد 10 −37 من الثانية من الانفجار حدث تسارع بوتيرة التضخم في الكون ، بعد انخفاض وتيرة التضخم نتجت جسيمات المادة الاولية ( كوارك ، لبتون ،چلون)، كانت الحرارة هائلةً لذلك تحركت جسيمات المادة الاولية بسرعات ضوئية مصطدمةً طوال الوقت فيما بينها ،انتجت الاصطدامات جسيمات اولية من انواع جديدة وكذلك جسيمات اولية مضادة للمادة، وهي عباره عن جسيمات ذات نفس الكتلة ومتعاكسة بالشحنة ( أنتي كوارك ، أنتي لبتون ،أنتي چلون) ، أدت الاصطدامات المستمرة الى ظهور حالة اتزان وتساوٍ بين جسيمات المادة والمضادة للمادة، بعد ذلك ولسببٍ ما حدث تفاعل كوني ادى الى فائض طفيف جداً (1 من 30 مليون) من جسيمات المادة نسبةً الى الجسيمات المضادة للمادة.
استمرت المادة في التكون والحرارة في الهبوط ، عندها برزت للوجود القوى الكونية الاربع منفردةً عن بعضها البعض ، هذه القوى هي : الجاذبية ، الكهرومغناطيسية، القوى الذرية القوية وهي المسؤولة عن جعل نواة الذرة متماسكة، القوى الذرية الضعيفة وهي المسؤولة عن تفكك النواه وانطلاق الاشعة منها. بعد الانفجار بواحد من المليون من الثانية ارتبطت جسيمات المادة مع بعض لتنتج بروتونات ( ايونات هيدوجين )ونيترونات وبنفس النمط تفاعلت جسيمات المادة المضادة لتنتج بروتونات ونيترونات مضادة ،تصادمت جسيمات المادة مع المادة المضادة ليؤدي ذلك الى فناءا لجسيمات المتصادمة وانبثاق موجات من الاشعة في كل انحاء الكون ،تنبأت النظرية بوجود أشعة كهذه قبل ان يتمكن العلماء من رصدها في خلفية الفضاء بين المجرات والنجوم ويطلق عليها اسم (الاشعة الكونية ذات الموجات القصيرة او امواج الراديو )،ينسب العلماء انتشار الهيدروجين وعناصر اخرى خفيفة في انحاء الكون الى التفوق الخفيف الذي كان بكمية جسيمات المادة نسبةً الى المادة المضادة قبل الاصطدام وفناء الجسيمات. بعد مرور دقائق هبطت درجة الحرارة الى مليار درجة مئوية لتتشكل ايونات عناصر الهيليوم والدوتوريوم ، بعد مرور 37900 سنه تعادلت كهربائياً ذرات الهيدروجين وايضاً غازات خفيفة أخرى، تكثفت الغازات على شكل غيوم ثم تكتلت لتصير اكثر كثافةً والتأمت فتكونت المجرات والنجوم، وما زال الكون في تمددٍ وتوسعٍ في كل الجهات كدائرة آخذة في الكبر، وما زالت المجرات تتباعد الواحدة عن الاخرى بتسارعٍ كبير وكلما كانت اكثر بعداً من الارض كلما ازدادت تسارعاً.
بداية الكون ونهايته، والقوانين الفيزيائية
قانون حفظ الطاقة والقانون الثاني للديناميكا الحرارية هما قوانين كونية مثبتة ينص الاول منها على ان الطاقة لا تفنى ولا تخلق ومن الممكن تحويلها من شكل الى اخر (مثلاً حرق الوقود لتحريك السيارة ) ، في السرعات الضوئية نعاين العلاقة المباشرة بين الكتلة والطاقة مثلاً تنشطر نواة الذرة الى اجزاء بمجموع اقل من الكتلة الاصلية ويتحول الفرق بالكتلة الى طاقة ( هكذا تعمل القنبلة الذرية) كذلك تندمج أنوية الذرات لتعطي نواةً اقل كتلةً من مجموع الكتل المتصادمة ليترجم الفرق بالكتلة بكم هائل من الطاقة ( مصدر الطاقة الشمسية ومبدأ القنبلة الهيدروجينية)،تؤكد نظرية الانفجار على وجود بداية للكون ، وينفي قانون حفظ المادة والكتلة إمكانية وجودهما من العدم ! وكأن الحقائق العلمية تصرخ بشدة : لا بد من وجود خالق للطاقة والمادة!.
ينص القانون الثاني للديناميكا الحرارية على ان المنظومات في الطبيعة تتفاعل بنسق يزيد من حالة التفكك وعدم الترتيب شريطة ان يتم ذلك ضمن نظام مغلق، أي لا يحدث فيه خروج او دخول للطاقة، (والكون برمته يعتبر جهازاً مغلقاً ) مثلاً إذا لم تحرك سيارتك لوقت طويل فان الاطارات ستفرغ وكذلك البطارية، سوف يكسو الغبار الهيكل وسيتآكل بسبب الصدأ، وهكذا بمرور الوقت ستصير المركبة الى حالة اكثر تقدماً من التفكك والانهيار. هذا المبدأ العلمي ينبئ بنهاية الكون وتفككه، يصور علماء الفيزياء الفلكية كيفية حدوث ذلك بفرضيتين ، الاولى تدعي ان الكون سوف يستهلك كل طاقاته في التمدد بحيث لن تتوفر اي طاقة في اي نقطة في الكون لاستمرار التفاعلات الكيميائية الضرورية للحياة، وعندها سوف تهبط درجة حرارة الكون الى اقصى درجة ممكنة وهي 273 تحت الصفر وسيتجمد كل الكون .
الفرضية ثانية تقول ان الكون سيبلغ حالة قصوى من التمدد والتضخم وعندها سيتمزق كل شيء: المجرات، النجوم، الكواكب والذرات .
الفرضية الثالثة وتسمى بفرضية ” الانسحاق العظيم ” Big Crunch هي ان الكون سيستمر بالتمدد وذلك بفضل الطاقة السوداء حتى مرحله ما يقل فيها مقدار الطاقة السوداء وبالتالي مقدار الكثافة الكونية اللازمة للتمدد وعندئذٍ ستتغلب قوة الجاذبية على الطاقة السوداء فينهار الكون على نفسه ويعود كمان كان في البداية متكتلاً في نقطه واحده فرديه.
ما هو احتمال حدوث الكون والحياة صدفة؟
قام الكثير من الباحثين بإجراء الأبحاث لحساب احتمال حدوث الكون او الحياة صدفةً وفي كل مرة كان الإحتمال صفراً صارخاً !
1- تشترط علوم الفيزياء، الكيمياء والاحياء توافق حدوث 200 شرطاً لكي تتوفر ظروف حياه على الارض او اي كوكب آخر، سأذكر منها القدر اليسير: وجود نجم مناسب ( كالشمس) بالبعد المناسب ، وجود كوكب بالحجم والبعد المطلوبين ( المشتري) وذلك لأن المشتري يقوم بجذب آلاف النيازك والشهب اليه مانعاً اياها من الوصول الى الارض ، وجود القمر ليمارس قدراً مضبوطاً من الجاذبية على الارض لضبط محور دورانها حول نفسها حتى لا تتأرجح وتتعاقب فصول السنة بشكلٍ منتظم ،قد يقول قائل ان كتل الكواكب ومواقعها في الفضاء انما تقررت بحسب قوة الجاذبية، لكن مقدار قوة الجاذبية بحد ذاته يثير الدهشة ذلك لأنه بحسب المعادلات الرياضية لو حصل تغيير أقل من الطفيف بقدر واحد من مليار المليار بتوزيع القوى الكونية الأربع لم تكن لتتشكل النجوم ولا المجرات!
نحن ايضاً بحاجه الى :غلاف جوي بخليط دقيق من الغازات ، قشرة ارضية بخصائص معينه لأعادة تدوير الكربون في الطبيعة، عنصر الكربون بخصائصه الكيميائية الخاصة، الماء وميزاته الكيميائية التي جعلته أن يكون : ذو أربطة هيدروجينية، مذيباً لشتى المواد الكيميائية، موصلاً للكهرباء ،مخترقاً لأغشية الخلايا، ويلزمنا ويلزمنا ….
إن عدد التوافقيات الممكنة لالتقاء 200 شرطاً(!200) هو رقم خيالي أكبر من واحد و 500 صفر عن يمينه ! إحتمال أن تتوافق كل الشروط المطلوبة صدفةً مساوٍ لحاصل قسمة واحد على الرقم الخيالي والناتج صفر بالتأكيد !
2- بنفس النمط تم حساب إحتمال تفاعل الذرات من اجل انتاج أجزاء خلية واحدة وذلك لفحص صحة افتراض نظرية التطور بأن الكائنات الحية انبثقت عن كائن احادي الخلية تكوّن نتيجةً لتفاعلات كيميائية، قام العلماء بحساب إمكانية حدوث الحياه صدفة نسبةً الى عدم حدوثها صدفه odds فكانت النتيجة واحد مقسوم على واحد وأمامه 40000 صفراً !
بطبيعة الحال الاحتمال لحدوث الحياه صدفةً عملياً مساوٍ للصفر ،ولو إفترضنا امكانية حدوث التفاعل كما يصِّر اصحاب نظرية التطور ولو ان التفاعل المفترض استغرق ثانيةً واحدةً لا اكثر ، فان الزمن المطلوب مروره لنجاح محاوله واحده اكبر بأضعاف
بأضعاف من عمر الكون بالثواني ( 4 و17 صفراً عن اليمين ) طبقاً للحسابات !.
تؤكد نظرية الانفجار العظيم والقوانين الفيزيائية على وجود بداية للكون ونهاية ويخبرنا علم الاحتمال بصورة قاطعة بإستحالة حدوث الكون صدفة، وإستحالة إنبثاق الحياة تلقائياً، كلما مرَّ الوقت وتطورت النظريات العلميه كلما أشار العلم بشكل صارخ الى وجود خالق للكون بث فيه الطاقة ،المادة، والحياة.
ما فتأت النصوص القرآنية مند نزولها تدعوا المؤمنين والملحدين على حدٍ سواءٍ أن يتفكروا ويبحثوا في علوم الكون، وان يسلكوا البحث العلمي طلباً للحقيقة ( أَوَلَم يَتَفَكَّروا فى أَنفُسِهِم ما خَلَقَ اللَّهُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما إِلّا بِالحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ بِلِقائِ رَبِّهِم لَكٰفِرونَ) ، والخالق ازليٌ موجودٌ ما قبل البداية وأبديٌ باقٍ ما بعد النهاية (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) وحتماً لا يمكن ان يكون الخالق من جنس المخلوق لأن صفة الكون التفكك والفناء ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، ولا يمكن ان يكون له شريكٌ في الألوهية وإلا لإستحال سريان نفس القوانين الفيزيائية في كل انحاء الكون (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد ) ما نعاينه حولنا من ترتيبٍ وتركيبٍ في الكون ومخلوقاته يدل على حكمةٍ مقصودة وليس عبث الصدف الغير معقولة.
text here
إضافة تعليق