ما أقبل عبدٌ بقلبه إلى الله ، إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه ودهم
التعامل مع الشده والمصائب في ظلال الكتاب والسنه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم وتب علينا يا مولانا إنك أنت التواب الرحيم.
لقد خلقنا الله عز وجل لعبادته وهيئ لنا السماء والأرض لتتوفر لنا عناصر الحياه على وجه هذه الأرض من ماء ، وهواء وطعام. إضافة إلى عبادته عز وجل فقد أمرنا بالثناء عليه وبعمارة الأرض ، والإحسان إلى خلقه ، وكف الأذى عن الغير وغيرها من مكارم الأخلاق. ووعد سيدنا آدم عليه السلام بعد إخراجه من الجنه بإنزال الوحي والإرشاد ، ووعد وَوَعدُه الصدق أن السعادة والطمأنينة تكمُن في إتباع وحيه وكتابه وسُنة نبيه عليه الصلاة والسلام. يقول الله تعالى في سورة البقره " قلنا اهبطوا منها جميعا ۖ فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " {الآيه 38}
فالحمد لله رب العالمين على نعمة القرءان وعلى نعمة لساننا العربي الذي أنزل الله عز وجل به كتابه.
أحببت إخوتي الكرام عرض بعض الآيات الكريمه من كتاب الله عز وجل والأحاديث النبويه الشريفه التي ترشدنا خلال مسيرتنا في هذه الحياة الدنيا والتي ترشدنا خصوصاً عند وقوع الشدائد والمِحَن.
المحور الأول هو الإستعانه بالله عز وجل والصبر:
يقول الله تعالى في سورة البقره "كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ﴿١٥١﴾ فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ﴿١٥٢﴾ يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ۚ إن اللـه مع الصابرين ﴿١٥٣﴾"
إنتبه إلى قوله تعالى " فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون " أي بقدر ذكرنا لله تعالى فإن الله بواسع رحمته وقدرته سيكون معنا. والذكر سنامه الصلوات الخمس ، وطاعة الله ورسوله ، وبر الوالدان ، وصوم رمضان ، وتجنب معصية مالك الملك الله رب العالمين ، وتقواه ، وحمده ، وتكبيره ، وتهليله وإستغفاره وغيرها مما علمنا الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
وكذلك علينا التيقن والإيمان المطلق بأنه لا يوجد لنا من دون الله من ولي ولا نصير:
"ألم تعلم أن اللـه له ملك السماوات والأرض ۗ وما لكم من دون اللـه من ولي ولا نصير" {سورة البقره ، الآيه 107}
وفيما رواه عبد الله بن عباس أنه ركب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا غلام إني معلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فلتسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف { الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد}
وقرين الإستعانه بالله عز وجل الصبر عند البلاء والإمتحان وبشكل عام:
عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال:
"عجبا لأمر المؤمن . إن أمره كله خير . وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن . إن أصابته سراء شكر . فكان خيرا له . وإن أصابته ضراء صبر . فكان خيرا له" {الراوي: صهيب بن سنان الرومي القرشي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم}
المحور الثاني وهو أن المصيبة يمكن أن تكون دافعة لما هو أسوأ منها:
فليس شرطاً أن يكون كل أمر محزن أو متعب شراً. علينا أن ننتبه إلى أن الأنسان خُلق عجولا وقليل الحلم والصبر ، إلا من رحم الله. وعلينا الإطمئنان بأنه من يَصدُق الله في سره وعلنه فإن الله معه وأن الله سيعطيه وسيكرمه.
يقول الله تعالى في سورة المعارج:
" إن الإنسان خلق هلوعا ﴿١٩﴾ إذا مسه الشر جزوعا ﴿٢٠﴾ وإذا مسه الخير منوعا ﴿٢١﴾ إلا المصلين ﴿٢٢﴾ الذين هم على صلاتهم دائمون ﴿٢٣﴾ والذين في أموالهم حق معلوم ﴿٢٤﴾ للسائل والمحروم ﴿٢٥﴾ والذين يصدقون بيوم الدين ﴿٢٦﴾ والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ﴿٢٧﴾ إن عذاب ربهم غير مأمون ﴿٢٨﴾ والذين هم لفروجهم حافظون ﴿٢٩﴾ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ﴿٣٠﴾ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ﴿٣١﴾ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ﴿٣٢﴾ والذين هم بشهاداتهم قائمون ﴿٣٣﴾ والذين هم على صلاتهم يحافظون ﴿٣٤﴾ أولئك في جنات مكرمون ﴿٣٥﴾ "
هلوعا : شدّة الجَزَع مع شدّة الحرص والضجر ، أي ضَجوراً (وهذا في أهل الشرك) { تفسير الطبري }.
جزوعا : إذا قلّ ماله وناله الفقر والعدم فهو جزوع من ذلك لا صبر له عليه { تفسير الطبري }.
ويقول الله تعالى بالنسبة لحصول الخير في ما نراه شراً حالياً ولو بعد حين:
"يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ۖ ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ۚ وعاشروهن بالمعروف ۚ فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل اللـه فيه خيرا كثيرا ﴿١٩﴾" {سورة النساء}
وكذلك يقول الله تعالى تثبيتاً لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ولعباده الصالحين:
"فإن مع العسر يسرا ﴿٥﴾ إن مع العسر يسرا ﴿٦﴾ فإذا فرغت فانصب ﴿٧﴾ وإلى ربك فارغب ﴿٨﴾" { سورة الشرح }
والمقصود بالآيه رقم ٧ والله أعلم: فإذا فَرَغتَ مِنْ أمور الدُنيَا وَمشاغلها، فَقُم إِلَى العبادة نَشِيطاً، خَالِيَ البَالِ، وأَخلِص لرَبّكَ النيّة والرَّغْبَةَ، وَأَتْعِبْ نَفْسَكَ فِي عِبَادَتِهِ تَعَالَى. { أيسر التفاسير ، أسعد حومد 2011 }
وتأمل أن هذا الإرشاد الإلهي يظهر بسورة الشرح وفي الآيه الأولى منها يقول الله تعالى "ألم نشرح لك صدرك" ، فأنشراح القلب يكمن في الثقه التامه بالله عز وجل.
المحور الثالث والأخير ضمن هذا العمل هو أن في الهموم والشدائد تكفير للخطايا ورفع للدرجات:
قال صلى الله عليه وسلم "ما يصيب المسلم ، من نصب ولا وصب ، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه" { الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – حديث صحيح }
فأي تجارة نسعى لها غير التجارة مع رب العباد.
هذه ثلاثة وقفات في التعامل مع الشدة والمصائب في ظلال الكتاب والسنه والموضوع واسع. شكر الله حسن متابعتكم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.
- القرءان الكريم
- الموسوعه الحديثيه ، موقع الدرر السنيه
- تفسير القرآن ، مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي في الأردن
التعليقات
السلام عليكم ورحمة الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد هذا الموضوع مفيد جدا جدا نرجو من الله تعالى الثبات على كل خير حتى الزمان
إضافة تعليق